الاشكال الناتجة عن النحت والإرساب البحري"
بعض الأشكال الناتجة عن النحت البحري
إن عمليات التعرية أو التآكل الذي تتعرض له الصخور على طول خط الشاطىء (Shorelines) هو نتيجة لعدة تأثيرات ميكانيكيِة وكيميائية التي اعتمدت على جيولوجية الشريط الساحلي، طبيعة هجومِ الموجةِ، وتغيرات طويلة الأجل في مستوى البحرِ بالإضافة إلى المجاميعِ المدّيةِ ,ولهذا تتكون العديد من الأشكال الأرضية الحتية المتمثلة بالجروف البحرية (Cliffs) ، والكهوفِ (Caves) ، والأقواس البحرية (Sea Arches) ُ، والمسلات البحرية (Sea Stacks) ، وفيما يلي شرح مفصل لهذه الظواهر :
1. الجروف الساحلية (Cliffs)
وهي من الظواهر الحتية المهمة التي تتكون بفعل الأمواج البحرية ، وتتفاوت هذه الجروف في تكوينها وتفاصيل أشكالها تفاوتا كبيرا ، ويتوقف ذلك على متغيرات عديدة تم الإشارة إليها سابقا . إن ظاهرة الجروف تحدث عندما تتعرض الصخور الصلبة المتماسكة ( الحجر الرملي الأحمر القديم ، والحجر الجيري المندمج ، والجرانيت ) إلى عملية النحت مما يؤدي إلى تراجعها بشكل بطيء مما يترتب عليه تكوين جروف شديدة الانحدار تقف قائمة كرؤوس أرضية (Headlands) ، ومع هذا فان تكوين الجروف لا يقتصر في واقع الحال على الصخور الصلبة المقاومة وحدها بل يتعداها إلى الصخور الطباشيرية المشهورة بليونتها ، فهي تكون جروفا شديدة الانحدار على سواحل كثير من جهات الجزر البريطانية .
ومن الممكن أن تنشى التعرية البحرية في التكوينات الصلصالية الجليدية رغم ليونتها جروفا شديدة الانحدار ، وذلك بسبب سرعة التقويض السفلي الذي تمارسه الأمواج ويمكن مشاهدة هذه الظاهرة في بعض سواحل بريطانيا ومنها سواحل يوركشير .
2. الكهوف (Caves)
تتكون ظاهرة الكهوف عندما تكثر المفاصل الراسية في الصخور ، عند قواعد الجروف التي تتعرض لفترة طويلة لفعل الأمواج البحرية ، ويبدو الكهف في هيئة نفق اسطواني الشكل يمتد داخل الجرف متتبعا خط الضعف الصخري ، ويتناقص قطره كلما اتجهنا نحو الداخل ، وإذا حدث وكان هناك فواصل في صخر سقف البحر فأنها تتسع بمرور الزمن ثم ينفتح الجرف مكونا ما يعرف بالثقب الانفجاري (Blow Hole) ، وبمرور الزمن ومع استمرار عملية فعل الأمواج يتسع الكهف ويرق سقفه فينهار ،ويظهر بذلك مدخل (Inlet) في الجرف طويل وضيق يعرف باسم (Geo) في جزر أو ركني في شمال اسكتلندا .
3. الأقواس البحرية (Sea Arches)
تتكون الأقواس البحرية عندما تبرز الالسنة الصخرية في ماء البحر ، وتتعرض إلى فعل الأمواج من الجانبين مما يترتب على ذلك تكوين فجوات متقابلة في كل برزو من هذه البروزات ، تتحول هذه الفجوات بمرور الزمن إلى كهوف ، ثم تتواصل الكهوف ، فيبقى القسم العلوي معلقا على الفجوة النافذة ، ومن ثم يتكون القوس .
4. المسلات البحرية (Sea Stacks)
إن تكون المسلات البحرية هي خطوة لاحقة لتكون الأقواس البحرية ، فباستمرار فعل الأمواج البحرية ، ترق أسقف الأقواس ، وتتسع الأقواس من تحتها ، فلا تلبث إن تنهار الأسقف ، مخلفة تجاه البحر عمودا من الصخر يبدوا كمسلة قاعدتها عريضة متآكلة ، ورأسها مدبب مسنن .
بعض الأشكال الناتجة عن الإرساب البحري
تتشكل أرضية البحار والمحيطات بفعل الإرساب بدرجة أعظم بكثير من تأثرها بفعل التعرية ، حيث يكاد ينحصر فعل التعرية على منطقة خط الساحل ، بينما يظهر فعل الأرساب في كل أجزاء قاع المحيط سواء أكانت الضحلة المجاورة لخط الساحل أو الأخرى العظيمة العمق في البحار المفتوحة ، ويترسب فوق قاع البحر أنواع مختلفة من الرواسب تتمثل في تلك التي تذروها الرياح والتي تتألف من الرمال وأتربة البراكين ، وكذلك المواد التي تصبها الأنهار والثلاجات ، هذا بالإضافة إلى تجمع الرواسب العضوية تبعا لاندثار الكائنات البحرية وتوالي عمليات تراكم قشورها ، وبذا تكون طبقات إرسابية عظمى فوق قاع المحيط ، ويلاحظ ان اختلاف حجم حبيبات المفتتات الصخرية ، واختلاف أعماق المحيط لهما الأثر الأكبر في التوزيع الجغرافي للارسابات المختلفة فوق قاع البحار والمحيطات ، فتتراكم الرواسب الخشنة الغليظة الحبيبات عادة بالقرب من الشاطىء أو خط الساحل ، ثم تليها تلك المواد التي تتألف من حبيبات اقل خشونة وحجما ، وعلى ضوء ذلك تتميز الحواف الحدية الهامشية للرف القاري بأنها تتألف من رواسب دقيقة ناعمة ، وسنكتفي هنا بالحديث عن الرواسب الشاطئية وهي كالآتي :
1. البلاج (Beach)
يستخدم لفظ البلاج ليشير إلى تراكمات الحصى والرمال المترسبة فوق الشاطىء ، ويضيق عرض البلاج في السواحل المرتفعة ، نظرا لعمق المياه بجوار هامش اليابس ، بينما تتميز السواحل المنخفضة بإمكانية تكوين بلاج عريض على خط الساحل .
2. الحواجز والالسنة
عندما يزداد نشاط الأرساب البحري على السواحل المرتفعة المنسوب نسبيا أو فوق تلك التي تتميز بالانحدار التدريجي الضعيف ، فقد يترتب على ذلك تكوين الالسنة والحواجز البحرية الطبيعية .وإذا انتهى خط الساحل عند مدخل خليج أو مضيق بحري فان المواد المنقولة بواسطة اندفاع الأمواج والتيارات تترسب في مياه الخليج العميقة على شكل السنة طولية ، وبتكرار هذه العملية تتجمع المواد المترسبة أمام خط الساحل فوق بعضها وتساهم في بناء جسر طولي طبيعي من الرمال والحصى ، ويأخذ طول هذا الجسر وارتفاعه في الازدياد التدريجي بمرور الزمن تبعا لارساب كميات الرمال والحصى عند نهاياته الهامشية وعلى طول حافاته الجانبية إلى إن يصل في النهاية إلى مرحلة نموه الأخيرة والتي يضعف خلالها اثر فعل الأمواج والتيارات البحرية في تشكيل المظهر الجيومورفولوجي العام لهذا الجسر البحري ، وإذا نشا هذا الجسر في مياه البحر المفتوحة (Open Sea) فيطلق عليه في هذه الحالة اسم الخطاف أو اللسان البحري (Spit) وتعمل الأمواج على ارساب الرمال والمفتتات الصخرية على جانب اللسان البحري الذي يواجه اليابس ، وعلى ضوء ذلك يقترب اللسان البحري بالتدريج من خط الساحل ، أما الانحناء الملحوظ في الالسنة البحرية والذي يشبه راس الخطاف فيرجعه الباحثون إلى اثر فعل الأمواج المائلة في تشكيل رواسب اللسان البحري وطبيعة وتراكم الرواسب الأخيرة على جوانبه ، وهناك نمطان رئيسيان من الالسنة الأول يبرز من الساحل صوب البحر صانعا مع امتداد الساحل زاوية كبيرة ، بينما النمط الثاني يمتد موازيا تقريبا لامتداد الساحل ، ويشمل هذا النمط الالسنة التي تمتد عبر المصبات النهرية ، والالسنة التي تمتد عبر الخلجان البحرية .
أما الحاجز البحري (Bar) فهو عبارة عن تعديل طرا على شكل اللسان البحري ، فحيث يمتد الأخير امتدادا طوليا صوب البحار المفتوحة ، يمتد الحاجز البحري عرضيا فيما بين طرفي راسين من اليابس المجاور ، والحواجز لا تختلف عن الالسنة ويشيع منها وجود نمط يمتد عبر مداخل الخلجان ، إذ يبدأ اللسان بالنمو من احد الراسين اللذين يشكلان الخليج ويستمر في النمو والامتداد عبر الخليج إلى ألراس الآخر المقابل ، أو يتكون من التقاء لسانين ينموان من كلا الراسين ، وهناك نوع آخر من الحواجز ما ينشا عن امتداد السنة اليابس ووصولها إلى الجزر المجاورة ، ونتيجة لذلك ترتبط الجزر باليابس عن طريق حواجز تسمى تومبولو (Tombolo) .
3. البحيرات المستنقعية (Lagoons)
تعمل الحواجز على حجز مياه البحر العميقة نسبيا عن المستنقعات البحرية الضحلة التي تمتد فيما بين الحواجز البحرية وخط الساحل ، وإذا حجزت هذه المستنقعات عن البحر تماما بواسطة الحواجز البحرية ، تتكون البحيرات المستنقعية التي يطلق عليها اللاكون (Lagoons) ، ولكنها عادة تتصل بالبحر المجاور بواسطة فتحات ضيقة ، تشقها الأمواج والتيارات البحرية ، ومن الأمثلة على ذلك الحواجز البحرية المشهورة في بحر البلطيق التي تمتد فيما بين مدينة ممل (Memel) شرقا ومدينة دانزنج (Danzing) غربا ، والتي تبدو على شكل حاجزين بحريين طويلين ، ويحيطهما عدد من الكثبان الرملية ، ومستنقعات بحيرية واسعة تعرف باسم هافس (Haffs) .