الأرصاد الجوية تبيّن كيف يمكن أن يؤثر التغير البيئي على الحياة

الأقمار الصناعية للاستشعار عن بُعد وبرامج الكمبيوتر تقيم الصلة مع العالم الأحيائي

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
صور التقطها القمر الصناعي لاندسات لغابات الأمازون بالقرب من الولايات البرازيلية توكاتنز ومارانهاو وباراف في العامين 1995 و1997

واشنطن
– يوحّد العلماء بين مجموعات المعلومات الخاصة بالمناخ والمعلومات
المتوفرة من أقمار رصد الأرض الصناعية والنماذج الحسابية لسلوك المتعضيات
(الكائنات الحية) من أجل التنبؤ بتأثير التغيرات البيئية على الأنظمة
البيئية، وذلك بنفس الطريقة التي يتنبأ بها خبراء الأرصاد الجوية بحالة
الطقس والمناخ.
التنبؤات البيئية – التي
تعتبر أدوات جديدة هامة للتنمية بالنسبة للمشرفين على إدارة الموارد على
كوكب محترّ المناخ – تتنبأ سلفا بتأثير التغيرات البيولوجية والكيميائية
والعضوية في البيئة على الأنظمة البيئية التي تغذي وجود الحياة على الأرض.

البيئيات هي دراسة علمية للعلاقة بين
المتعضيات الحية وبيئاتها. والتنبؤ البيئي، كممارسة، معروف منذ زمن طويل،
منذ وقف أول مزارع في حقله ونظر إلى السماء ليقدّر آثار موسم قصير شحيح
الأمطار على أشجار التين في بستانه. أما اليوم فإن علم التنبؤ البيئي
الناشئ يعتمد على قاعدة من المعلومات القائمة على التوليف بين علوم
الفيزياء والجيولوجيا والكيمياء والبيولوجيا وعلم النفس.
ويعمل
مركز إيمز للأبحاث التابع لوكالة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) في
وادي السليكون في كاليفورنيا على توفير أدوات التنبؤ بالبيئة وجعلها في
المتناول، وذلك عن طريق برنامجه المعروف بنظام الرصد الأرضي والتنبؤ.
ونظام
الرصد الأرضي والتنبؤ عبارة عن نظام للمعلومات وبرمجة المخططات والنماذج
التي توحد بين المعلومات المتوفرة من الأقمار الصناعية ومن الطائرات ومن
المجسات الأرضية والنماذج التطبيقية للطقس والمناخ للتوصل إلى "التنبؤات
الآنية" – أي تنبؤات المدى القصير (من صفر إلى ثلاث ساعات) والتنبؤ
بالأحوال البيئية.
وودي تيرنر، عالم برنامج
التنوع البيولوجي ومدير برنامج التنبؤ البيئي في مديرية مهمة العلم في
وكالة ناسا، صرح لموقع أميركا دوت غوف بقوله "إن التنبؤات بحالة الطقس
حققت مكاسب هائلة في الستينات والسبعينات من القرن المنصرم. أما التنبؤ
المناخي – المناخ يحسب عادة كمعدل أو طقس على المدى الطويل – فلم يبدأ بحد
ذاته إلا في الثمانينيات والتسعينيات. وأعتقد أن إدخال النظم الحية في هذا
الجدول التنبؤي الأصلي أصبح الآن خطوة منطقية."
كتب
راماكريشنا نيماني، عالم الأبحاث في مركز إيمز التابع لوكالة ناسا، في
دراسة مشتركة أجريت مؤخرا مع زملائه العلماء قائلا: "تصوروا لو كان
بالإمكان التنبؤ بدقة بمواسم المحاصيل القليلة أو المحاصيل الوفيرة أو
بالأوبئة التي تسببها الأمراض التي تحملها الجراثيم كالملاريا وفيروس غرب
النيل أو بأخطار حرائق الغابات والبرّية قبل ثلاثة أو ستة أشهر" من حدوثها.
على الأرض
التنبؤات
البيئية يمكن أن تكون قصيرة الأمد، أي من ساعات قليلة إلى أيام معدودة، أو
نصف فصلية أو موسمية كتقدير بداية موسم الزراعة مثلا، أو يمكن أن تكون
طويلة الأمد تمتد إلى عقد أو قرن من الزمان.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
خيول برّية تجول المراعي في منطقة من الصحراء الغربية بولاية يوتا

فقد
وضع علماء مركز أبحاث الأرض التابع لوكالة ناسا دراسة تنبؤية لاستعمال
المسؤولين عن متنزة يوسيميتي القومي في شرق أواسط كاليفورنيا تتنبأ
بالتغيرات المحتملة في المنطقة خلال الخمسين سنة القادمة، علما بأن
المتنزة (المحمية) يغطي ما مساحتة 3,081 كيلومترا مربعا ويمتد إلى السفوح
الغربية من سلسلة جبال سييرا نيفادا.
وصرح
نيماني لموقع أميركا دوت غوف بأن التنبؤات تشير إلى أن "كمية الثلوج
المتساقطة ستقل وأن موسم الزراعة سيبدأ مبكرا قبل ثلاثة أسابيع تقريبا من
موعده الحالي. ونتيجة لذلك ستفقد النباتات مياهها في منتصف الصيف. وهذا من
شأنه أن يزيد اشتعال الحرائق في يوسيميتي الذي يعاني حاليا من تعدد
الحرائق. وسيؤدي ذلك إلى تغير تركيبة النباتات" والأشجار.
غير
أن إدوين شيفنر، نائب مدير فرع العلوم في مركز إيمز التابع لوكالة ناسا،
صرح لموقع أميركا دوت غوف بقوله "تذكروا أن هذه مجرد تنبؤات نموذجية، وليس
هناك أي دليل ثابت على حدوثها. فهي أمثلة نموذجية عغلى التنبؤات. والتحدي
القائم أمام أبحاثنا الجارية هو محاولة إثبات صحة هذه النماذج وتضييق حدود
الخطأ في هذه التقديرات النموذجية."
ثمة
استعمال تطبيقي آخر للتنبؤات البيئية. فقد عمل مكتب علوم الأرض التابع
لناسا مع دائرة المسح الجيولوجي الأميركية لتطوير نظام التنبؤ بالأنواع
الاجتياحية الغازية (طفيليات غير أهلية من طيور وحيوانات ونباتات وأعشاب
وآفات). وقد أدى هذا العمل إلى تضافر جهود خبراء البيئة وعلوم الكمبيوتر
والإحصاء وعلماء تكنولوجيا التحسس عن بعد ومديري المصادر الطبيعية وصانعي
السياسة وغيرهم من المهتمين بعدد كبير من الأنواع غير الأهلية التي تغزو
مواطن غيرها وتلحق بها الضرر.
وسيكون النظام
قادرا عند إتمامه على وضع تقديرات ميدانية لأنماط الأنواع الغازية
والمواطن المعرضة للخطر ورسم خرائط للمواقع المعرضة لغزوات محتملة من
أنواع غريبة.
مفترق طرق بيولوجي
يشكل
ملتقى أميركا الشمالية وأميركا الجنوبية وأميركا الوسطى مفترق طرق
بيولوجيا يضم ما يترواح بين 7 و8 بالمئة من الأحياء المتنوعة من حيوان
ونبات على كوكبنا الأرضي في أقل من نصف واحد بالمئة من الأرض. كما تضم
مياهها الساحلية ثاني أكبر نظام من الأجراف المرجانية في العالم.
وفي
العام 1997 أعلن سبعة من قادة الدول الأميركية (بيليز وكوستاريكا
والسلفادور وغواتيمالا وهندوراس ونيكاراغوا وبناما) عن جهد أممي لتوحيد
الجهود والمحافظة على البيئة عبر الحدود الدولية. ويضم ممر أميركا الوسطى
البيولوجي سلسلة من المحميات والمتنزهات القومية فيما تمتد المناطق
والأراضي الأخرى المحمية الخاضعة لأنظمة إدارية خاصة من جنوب المكسيك إلى
حدود كولومبيا.
وكجزء من هذا المجهود اشتركت
وكالة ناسا مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية والبنك الدولي ولجنة
أميركا الوسطى للبيئة والتنمية للمساعدة في وضع تصور إقليمي ونظام خاص
للرصد.
ويجمع نظام الرصد بين الصور التي
تلتقطها الأقمار الصناعية التابعة لوكالة ناسا ويضمها إلى المعلومات
البيئية والاقتصادية الاجتماعية المتوفرة من نظام جغرافي كومبيوتري.
ويشغّل النظام مجموعة من النقاط الفرعية في الولايات المتحدة وفي كل بلد
من بلدان أميركا الوسطى.
ويستطيع مديرو
النظام في أميركا الوسطى استخدام الصور التي يجمعها النظام أكتشاف الحرائق
البرية وفي الغابات والتغيرات الرئيسية في غطاء الأرض وتتبع الأمطار
ومراقبة أنماط الطقس ورصد أطراف الشواطئ والأجراف المرجانية. وستساعد هذه
النماذج والأنماط مستخدمي النظام على التوصل إلى فهÒ أفضل
للعلاقة، التي لم تكن مفهومة جيدا من قبل، بين تغيرات الغطاء الأرضي
والتقلبات المناخية.