الحكومات والصناعات التي تتلقى الإنذار المبكر تستعد لمواجهة الآثار المدمرة لظاهرة إلنينيو
واشنطن،–
في الوقت الذي بدأت فيه ظاهرة النينيو الناشئة لموسم 2009-2010 في بث
الحرارة في مياه المناطق الوسطى والشرقية الاستوائية للمحيط الهادئ
وتسخينها، وفي إضعاف الرياح التجارية وتعديل أنماط الأمطار الاستوائية،
تعكف المناطق الأكثر عرضة لخطر هذه الظاهرة المناخية على اتخاذ ما لم يكن
بإمكانها اتخاذه حتى عهد قريب، ألا وهو الاستعداد لها.
فقد
أعلنت الإدارة القومية للمحيطات والغلاف الجوي مقدم النينيو في 9
تموز/يوليو بناء على رصد العلماء في المركز القومي لخدمات الطقس والتنبؤ
المناخي الذين لاحظوا أن معدل الارتفاع الأسبوعي في درجات حرارة المياه
السطحية في المنطقة الشرقية الاستوائية من المحيط الهادئ كان درجة واحدة
(1.0) مئوية على الأقل فوق المعدل في نهاية حزيران/يونيو.
وصرح
عالم الأرصاد الجوية في إدارة المحيطات والرصد الجوي ورائد التنبؤ
بالأعاصير الموسمية فيها، جيري بِل، لموقع أميركا دوت غوف بقوله "إن درجات
الحرارة الدافئة هذه تنطبق على ما نسميه إلنينيو."
تحدث
نشاطات النينيو على فترات تتراوح بين كل سنتين أو خمس سنوات وتدوم نحو 12
شهرا. وغالبا ما تزداد هذه النشاطات تأثيرا وكثافة بين شهري تموز/يوليو
وأيلول/سبتمبر وتبلغ أوجها في شمال نصف الكرة الغربي في أوائل الشتاء.
التنبؤ بالنينيو
القدرة على التنبؤ سلفا بظاهرة النينيو والظاهرة المعاكسة لها لانينيا التي تبرد المياه، يعتبر إنجازا علميا حديث العهد نسبيا.
قال
بل "كانت هناك في أوائل الثمانينات ظاهرة إلنينيو مسيطرة وهي إلنينيو
1982-1983. إلا أن كثيرين من العلماء جادلوا مشككين بوجودها حتى بعد أن
أصبحت في أشدها. فلم تكن لدينا إمكانية للرصد ولا الأدوات التي نملكها
الآن – من أقمار صناعية وسفن وعوامات. فكل هذه الأشياء تساعدنا، ليس في
معرفة حرارة المحيط وحسب، بل وفي معرفة الظواهر الطبيعية المصاحبة لها."
نمت المعرفة بإلنينيو نموا كبيرا وتطورت بشكل هائل منذ أواخر الثمانينيات لكن أهم ما في هذا النمو حدث منذ العام 1995.
قال
بل "عندما داهمتنا ظاهرة إلنينيو القوية جدا في العام 1997 رأيناها تتكون
في حزيران/يونيو وكنا حين ذلك نعلن تنبؤاتنا للشتاء القادم. وكان ذلك
إنجازا ثوريا في ذلك الوقت – أن نكون قادرين على إعلان شيء بذلك القدر من
الثقة سلفا بهذا القدر من الوقت."
التقلبات،
أو الذبذبات المناخية التي ترافق النينيو والتغير المناخي الذي بدأت في
إحداثه في العالم يمكن أن يتسبب في فيضانات مفاجئة وجفاف وعواصف استوائية.
وخلل مثل هذا يمكن أن يتسبب في خسائر جسيمة وضرر لاقتصاد أي بلد إذا كان
قطاع كبير من نشاطه الاقتصادي حساسا يتأثر بحالة الطقس والمناخ.
غير
أن العلماء يستطيعون الآن تنبيه السكان المعرضين للخطر وإنذارهم بخطر
إلنينيو الماثل قبل شهور من وقوعه، مما يمنحهم الوقت الكافي للتخفيف من
أسوأ تأثيرات تلك الظاهرة.
قالت جين لوبتشينو
من إدارة المحيطات والأرصاد الجوية في تصريح لها في 9 تموز/يوليو إن "علوم
المناخ المتقدمة تمكننا من تحذير الصناعات والحكومات ومديري الطوارئ
وإنذارهم بالطقس والأحوال الجوية التي قد تجلبها ظاهرة إلنينيو، وهكذا
فإنه يمكن أخذ هذه العوامل في الاعتبار في اتخاذ القرارات وحماية الأرواح
في نهاية المطاف."
خزان أنغات
يواجه
معظم أنحاء الفليبين، البلد الجنوب شرق آسيوي في غرب المحيط الهادئ، أثناء
وجود ظاهرة إلنينيو فترات من الجفاف الذي يتراوح بين الاعتدال والشدة،
ويمكن أن يدوم فصلا موسميا أو أكثر. ويفرض هذا ضريبة على خزان أنغات الذي
يوفر نحو 100 بالمئة من احتياجات 11 مليونا من سكان مانيلا من المياه وري
30,000 هكتار من مزارع الأرز وتوليد 248 ميغاواط من الطاقة الكهربائية
المائية لجزيرة لوزون.
ومنذ العام 2003 عمل
علماء المعهد الدولي لأبحاث المناخ والمجتمع بالتعاون مع الوكالات
الحكومية الفليبينية وخدمات الرصد الجوي والمجلس الوطني للمصادر المائية
بتمويل من إدارة المحيطات والرصد الجوي والوكالة الأميركية للتنمية
الدولية على استخدام أحدث المعلومات المناخية كالتنبؤات الموسمية
بالتدفقات المائية الواردة على الخزان لمعالجة الوضع ومواجهة آثار التذبذب
المناخي.
وكان المعهد الدولي للأبحاث قد أنشئ
في العام 1966 بتمويل من الإدارة الأميركية للمحيطات والرصد الجوي وهو عضو
في معهد الأرض في جامعة كولومبيا بنيويورك.
وحقق
المعهد الدولي للأبحاث وعلماء الأرصاد الجوية في إدارة الأرصاد الجوية
والخدمات الجيوفيزيائية والفلكية للفليبين بالعمل متعاونين تقدما في
التنبؤ سلفا ببداية الرياح الموسمية الصيفية (المونسون).
وقد
تلقت خدمة الأرصاد الجوية تدريبا في تخطيط نمط المناخ الإقليمي وتعلم
موظفوها استخدام أداة للتنبؤ بالمناخ من المعهد الدولي للأبحاث للتنبؤ
بتدفقات الماء الواردة على خزان أنغات استنادا إلى النماذج المناخية
العالمية.
وصرحت إستر كونراد، من كبار موظفي
المعهد الدولي للأبحاث، لموقع أميركا دوت غوف في 20 تموز/يوليو بأن "هذا
المشروع انطوى على مشاركة هامة مع المؤسسات في استخدام المعلومات التنبؤية
مما أدى إلى إيجاد أدوات تدرّب عليها مديرو خزان أنغات وأصبحوا يستخدمونها
فعلا."
وتمكن المعهد الدولي للأبحاث بالتعاون
مع المجلس الوطني لمياه الفليبين من وضع خطة نموذجية توحد بين تنبؤات
المناخ الموسمية وبين عملية اتخاذ قرارات إدارة الخزان ومسطح بيني رقمي
يمكن المستخدمين من تصوّر انعطافات الأرجحية التي تصاحب الحالات المختلفة
لتوفر المياه.
وصرح برادفورد ليون، عالم
أبحاث المناخ في المعهد الدولي للأبحاث، لموقع أميركا دوت غوف بقوله "إنه
لأمر جيد أن نملك الطاقة التقنية أو الإدراك العلمي بحيث يمكننا القول إن
عندنا ظاهرة إلنينيو ومن المحتمل أنها ستؤثر على الطقس أو الأمطار
الموسمية في أماكن معلومة من العالم. فأن يعلم العلماء ذلك أمر عظيم. لكن
إذا كان عند الناس على الأرض بعض الوعي والعلم بذلك فإنهم يستطيعون اتخاذ
تدابير مسبقة لتخفيف العواقب.
وقال ليون إن المعهد الدولي للأبحاث يخطط للإفادة من الدروس التي استقاها في الفليبين وتطبيقها في بلدان أخرى